آداب النصيحة في الإسلام

آداب النصيحة في الإسلام

عند تقديم نصيحة، من المهم جداً الانتباه إلى كيفية قيامنا بهذا الأمر. هناك بعض القواعد الأساسية لذلك. أولاً، من الضروري أن نقدم النصائح بشكل خاص وليس أمام الجميع، لأن ذلك يزيد من احتمال قبول النصيحة. عندما يتلقى شخص نصيحة أمام الآخرين، قد يشعر بالإحراج أو كأنه موضع نقد، مما يجعل تقبل النصيحة أمراً صعباً.

ثانيًا، من الضروري أن نكون لطفاء ورفقاء عند تقديم النصيحة. يجب أن تتسم طريقتنا باللين والمودة، مما يساعد الشخص على قبول النصيحة بصدر رحب.

قال الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)

عندما نقدم النصائح، من المهم جدًا أن نكون لطيفين ولينين في تعاملنا. سلوك خشن قد يجعل الشخص المستهدف ينفر أو يعاند. هناك قصة معروفة عن رجل بدوي أخطأ بتصرفه داخل المسجد، لكن النبي صلى الله عليه وسلم عامله برفق، مما جعل البدوي يتقبل النصح بإيجابية.

الهدف من النصح يجب أن يكون الخير وتحسين الحال، لا مجرد النقد أو إحراج الآخرين. نصائحنا ينبغي أن تأتي من قلب صاف ونية خيرة، لا من أجل الحصول على مديح من الآخرين أو الشعور بالتفوق.
من يقدم النصيحة ينبغي عليه كذلك أن يكون صبورًا. قد يواجه نقدًا أو حتى سوء تفاهم نتيجة لنصائحه، لذا، من الضروري الحفاظ على الهدوء وعدم مقابلة الإساءة بمثلها.

أيضًا، من المهم أن يملك الشخص الذي يقدم النصيحة المعرفة والخبرة الكافية فيما ينصح به. عدم الإلمام بالموضوع قد يؤدي إلى مشاكل بدلًا من حلول، بالإضافة إلى أنه يجب على المرء أن يطبق ما يقول به، ليكون قدوة ومثالًا جيدًا.

فقد ذمّ الله تعالى من يأمرون بالمعروف ولا يأتونه؛ فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).

عند إعطاء النصيحة، من الأهمية بمكان أن نختار الزمان والمكان الأمثلين لهذه النصيحة. الهدف هو ضمان استقبالها بإيجابية واستعداد من قِبل المستقبل لها. يجب تجنب الأوقات التي يكون فيها الشخص غاضبًا أو منزعجًا، واستخدام الطرق التي تعتبر الأكثر فائدة في هذا السياق.

كذلك، من المهم الحفاظ على بساطة النصيحة والمباشرة فيها. الإطالة أو التكرار المفرط في النصيحة قد يسبب الملل لدى الشخص المستقبل للنصيحة. فالمختصر المفيد غالبًا ما يكون أثره أقوى.

عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، يقدم لنا مثالًا حيًا على أهمية توزيع النصح بحكمة. فقد كان يذكّر الناس مرة واحدة كل أسبوع، رغم طلب بعضهم زيادة ذلك. وقد كان سببه في ذلك خوفه من أن يمل الناس ويشعروا بالضجر إذا زاد عن ذلك، متبعًا في ذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم في مدى التوازن والحكمة في تقديم المواعظ.

آداب المنصوح

استقبال الإرشاد بإيجابية: هو عملية تتم بفضاء من الانفتاح والترحيب، بعيدا عن الشعور بالملل أو الشعور بالانزعاج أو تضخيم الذات. يتم ذلك من خلال استقبال النصيحة بأي شكل، وتقديمها بأفضل طريقة ممكنة.

تجنب التمسك بالخطأ: الاعتراف بالخطأ والعودة إلى الصواب يعد من الصفات الحميدة، في حين أن التمسك بالخطأ يعتبر من الصفات السلبية. من الضروري للمرء أن يكون حريصا على عدم الوقوع في هذه الخطأ.

 قال الله -تعالى- فيهم: {وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} [_البقرة: 206].

من الجيد دائمًا طلب المشورة من شخص مسلم لديه العقلية الصائبة والفكر الحكيم، لأن ذلك يعود بالفائدة من خلال الأفكار الراشدة والتوجيهات السديدة. وعلى الجانب الآخر، يُفضَّل تجنب طلب النصيحة من الأشخاص الذين لا يتحلون بالعقلانية أو الأخلاق، حيث أن ذلك قد يؤدي إلى نتائج سلبية غير متوقعة.

وفقًا لما ذكر عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإن من يسعى للقيام بأمر ما ويطلب المشورة من شخص مسلم مؤهل، يهديه الله إلى اتخاذ القرارات الصحيحة والموفقة في أموره.

اداب الناصح بعد النصيحة

عند تقديم النصيحة، من الضروري:

1- التصرف بتواضع، حيث لا ينبغي للمرء أن يشعر بأنه أفضل من الآخر أو أن لديه الحق في التباهي بذلك.

2- الحفاظ على سرية ما يتم مناقشته. حتى إذا حدث تغيير في العلاقة لاحقًا، يظل الاحتفاظ بالأسرار أمانة لا يجب كسرها.

3- تجنب الشعور بالسرور من أخطاء الآخرين أو إظهار أي نوع من أنواع الاحتقار تجاههم.

4- الصبر على أي صعوبات أو مشاكل قد تنشأ نتيجة للنصح، فقد يواجه المرء تحديات بسبب ذلك.

5- الامتنان لله على نعمة التمكن من تقديم النصيحة، فهي منزلة ذات قيمة عالية. كما يجب شكر الله إذا كانت النصيحة مؤثرة، والتذكير بأهمية الشكر لله الذي بدوره يزيد من نعمه على من يشكرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

© 2025 تفسير الاحلام. جميع الحقوق محفوظة. | تم التصميم بواسطة A-Plan Agency