الحث على طلب العلم
في الإسلام، يعتبر التشجيع على طلب العلم أمرًا أساسيًا، حيث يصنف هذا الطلب بين كونه واجبًا فرديًا أو واجبًا جماعيًا. يشدد الإسلام على أهمية البحث عن العلم والسعي لفهم الحكمة وزيادة المعارف، معتبرًا ذلك هدفًا قيمًا يسعى إليه كل مسلم.
“اطلبوا العِلم ولو في الصِّين”
المعرفة هي هدف كل من يحب التعلم وإشراق العقل. من خلال المعرفة نتعرف على الخالق، ونقوم بعبادته وتعظيمه بشكل صحيح. المعرفة المفيدة تساعد الإنسان في التغلب على تحديات الحياة، وتساعده أيضًا على توفير الوقت والجهد. الإسلام يحث الناس على طلب المعرفة، ولذلك تحدث القرآن الكريم في العديد من الآيات عن أهمية المعرفة ومكانة العلماء وتفضيلهم على الآخرين.
قال تعالى: “هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”
السعي وراء العلم والتنقل من مكان لآخر بحثًا عنه يحمل قيمة عظيمة وفوائد كبيرة. هذا الجهد ليس فقط يقود الشخص إلى تحقيق أهدافه التعليمية في هذه الحياة، بل يُسهم أيضاً في تسهيل طريقه نحو الجنة في الحياة الآخرة.
أمّا فضل السّعي لطلب العِلم والسّفر لأجله من بلدٍ لآخر أنّ الطُرقات التي يسلكها المتعلِّم تصل به في الدُّنيا إلى مُراده العِلمي، وفي الآخرة هذه الطُرقات هي دربه للجنّة،
قال صلى الله عليه وسلم: “مَن سلك طريقًا يلتَمِس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنّة”
فضل العِلم
المعرفة هي فهم الأشياء التي لم تكن معروفة لنا، استنادًا إلى قدراتنا البشرية. يُطلق لقب العليم على الله، لأنه يعلم كل شيء، سواء كان ذلك مخفيًا أو ظاهرًا. المعرفة تشير أيضًا إلى كل ما يكتسبه الإنسان من فهم ومهارات في مجال محدد. يوجد العديد من المجالات مثل علم الطبيعة، الدين، الطب، والهندسة.
تُروى قصص عن الأنبياء الذين لم يتركوا وراءهم ثروات مادية، بل أورثوا المعرفة للأجيال القادمة. الإسلام يحث على اكتساب المعرفة، كما يظهر ذلك من خلال أول رسالة من الله التي أُنزلت على النبي.
للنّبي صلى الله عليه وسلم: “اقرأ” ثُمّ تلتها قوله تعالى:”ن* والقلم وما يسطرون” فهاتان الآيتان عظّمتا شأن القراءة والكتابة،
الله عز وجل يعظم شأن القلم، الوسيلة الأساسية للتسجيل والمحافظة على المعرفة. من خلال الاستزادة في القراءة والكتابة، تتراكم المعارف وتتقدم الثقافات، مما يسهم في نشر العلم والتنوير في المجتمع.
حُكم طلب العِلم
في الإسلام، يُعتبر العلم ضروريًا ويأتي بأشكال متعددة. أولاً، هناك العلوم التطبيقية مثل الطب والهندسة وغيرها، التي تلبي حاجيات الإنسان في الحياة الدنيوية. هذا النوع من العلم يعد مهمًا للمجتمع بحيث إذا تخصص فيه بعض الأفراد، يعفى الآخرون من هذا الواجب. ثانيًا، يوجد العلم الشرعي الذي يشمل معرفة أساسيات الدين والعقيدة، مثل معرفة التوحيد وأركان الإسلام والإيمان، وهذا يُعد فرضًا على كل مسلم.
بالإضافة إلى ذلك، هناك علوم دينية مختصة تبحث في التفاصيل الدقيقة للشريعة مثل علم المواريث وأصول الفقه. هذه العلوم تُعتبر فرض كفاية، بمعنى أنه إذا تعلمها بعض العلماء، يُعفى الباقون من هذا الواجب. بشكل عام، يُظهر هذا تقسيم العلم في الإسلام إلى مستويات مختلفة بناء على أهميتها وضرورتها للفرد والمجتمع.
طلب العلم يحتاج إلى إرادة قوية
سعينا وراء المعرفة يتطلب منا عزمًا وتصميمًا، فمنافعها تتجاوز الشخص نفسه لتصل إلى أسرته والمجتمع الذي يعيش فيه وحتى الوطن بأكمله.
المعرفة تنمّي الروح وتحسّن الشخصية، وتمكّن الإنسان من الوصول إلى مراتب عليا في الحياة وما بعدها. بالعلم، نستطيع تحسين العالم من حولنا والارتقاء بمستوى أمتنا، وبناء الحضارات من خلال ما نقدمه لبلادنا. لذا، علينا أن نسلك كل الطرق الممكنة لتحصيل العلم.
هذا يشمل الالتحاق بالمؤسسات التعليمية كالمدارس، وكذلك البحث الذاتي من خلال قراءة الكتب، الاستفادة من المعلومات الموجودة على الإنترنت، السفر، واستكشاف العالم الذي يفتح آفاقًا جديدة للمعرفة، وكذلك تكمن الفائدة في التواصل مع العلماء والمثقفين وتعلم ما لديهم من خبرات ومعارف.
، قال أحمد شوقي: قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا لطلب العلم آداب عديدة تتمثل بالإخلاص عند طلبه، فلا تكون غايتنا الاستعلاء وحب الظهور، أو الزهو بهذا العلم عند كسبه،
لطلب العلم أهمية بالغة ويتطلب الصبر والتحلي بالأدب، خاصة في الاحترام للعلماء وتقدير جهودهم. يجب أيضاً علينا أن نعزو العلم الذي نتعلمه إلى أصحابه الحقيقيين وألا ننسبه إلى أنفسنا أو لأشخاص لم يبذلوا جهداً فيه. إضافة إلى ذلك، من الضروري أن نعمل بما تعلمناه وأن نسهم في نشر العلم بين الآخرين.
الإسلام يحض على طلب العلم ويعد ذلك من القيم المركزية في تعاليمه، سواء في القرآن أو السنة النبوية.
القرآن الكريم يقول: “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات”
، مما يؤكد على التكريم والارتقاء بالأشخاص المتعلمين والمؤمنين. كذلك، السنة النبوية تشجع على نشر العلم والتأكيد على استمرارية فائدته حتى بعد وفاة الفرد،
إذ يقول النبي محمد: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له”
. هذا يبين عظمة وأهمية العلم في الإسلام وأنه من الأعمال التي تبقى ذات قيمة ونفع حتى بعد الوفاة. ولا يفوتنا أن نذكر أن أول كلمة أوحيت لنبينا كانت “اقرأ”، مما يُظهر مركزية حصول العلم في ديننا الحنيف.