مفهوم مرحلة الطفولة المتأخرة
في هذا الوقت من حياة الأطفال، يبدأون في الاستفادة من التجارب العاطفية التي مروا بها منذ صغرهم. هنا، يبدو واضحًا كيف تؤثر عليهم الضغوطات الاجتماعية، مما قد يسبب لهم مشكلات كالقلق والخوف، وهذا بدوره يمكن أن يعيق تطورهم الجسدي، العقلي، والاجتماعي.
لذلك، يجب على الأهل والمعلمين أن يوجهوا الأطفال في هذه المرحلة لكيفية إدارة مشاعرهم، وفهمها وقبولها، سواء تجاه الآخرين أو أنفسهم. من الضروري أيضًا الاهتمام بالحاجات العاطفية للطفل، مثل الحاجة إلى الحب، الشعور بالأمان، النجاح، التقدير والشعور بالانتماء. ومن المهم كذلك أن يعمل الأهل والمعلمين على تطوير مهارات الطفل وتشجيعه على المشاركة في الأنشطة وحل المشاكل التي قد تواجهه بشكل فعال.
خصائص الأطفال في مرحلة الطفولة المتأخرة
في هذه المرحلة من حياتهم، يحاول الأطفال فهم أنفسهم ومن هم. قد يواجهون تحديات في مساعيهم ليكونوا مستقلين عن والديهم، مما يؤدي أحيانًا إلى إخفاء رغباتهم الحقيقية. يميل هؤلاء الأطفال غالبًا إلى تقديم رضا أصدقائهم على رضا عائلاتهم.
يتمتع الأطفال في هذه السن بالكثير من الطاقة التي يحبون صرفها في اللعب مع الآخرين خارج المنزل، ويجدون في ذلك سعادة كبيرة.
في هذا العمر، يشعر الأطفال بحالة من التميز تجاه أنفسهم. يدركون أنهم لم يعودوا صغارًا جدًا، لكن في الوقت نفسه لم يصبحوا بعد في مرحلة البلوغ. قد يتفاقم هذا الشعور بسبب عدم اتساق آراء الوالدين حيالهم، فعند البكاء يُنبّههم الوالدين بأنهم ليسوا صغارًا، وعندما يحاولون القيام بأنشطة يُعتبر عادةً للأكبر سنًا، يُقال لهم بأنهم ليسوا بالكبار بعد لفعل هذه الأشياء.
القوى العقلية التي تتضح لدى الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة
خلال فترة الطفولة المتأخرة، خصوصًا بعد سن التاسعة، يبدأ الأطفال بإظهار تطور ملحوظ في قدراتهم العقلية، وهذه التطورات تشمل عدة جوانب أساسية:
– الذكاء يظهر في كيفية تعامل الطفل مع المواقف الجديدة وحل المشكلات التي تواجهه، وذلك من خلال تنظيم سلوكه بطريقة تمكنه من مواجهتها بنجاح. يشمل الذكاء أيضًا القدرة على الإدراك والانتباه والتخيل والتفكير.
– التفكير هو القدرة على استخدام الرموز واللغة لتمثيل الأشياء والمعاني بطريقة مجردة، مما يفتح المجال أمام التواصل الفعال. يتعلم الطفل كيفية ترتيب الأشياء وفهم العلاقات بينها، مما يساعده على الوصول إلى استنتاجات مبنية على بيانات أو معطيات معينة.
– الانتباه يصبح أكثر عمقًا واستمرارية، حيث يبدأ الأطفال في التركيز لفترات أطول على مواضيع تثير اهتمامهم وتلبي احتياجاتهم النفسية. هذا التحسن في الانتباه يساهم بشكل مباشر في تعزيز قدرات الطفل الإبداعية والتعليمية.
– التذكر عند الأطفال يتطور بالتوازي مع نموهم العقلي، حيث تصبح قدرتهم على تذكر المعلومات واستنتاج علاقات جديدة بينها أقوى مع التقدم في العمر. هذا يدل على ارتباط وثيق بين النمو العام للقدرات العقلية وقدرة الطفل على التذكر.
تشكل هذه المرحلة من الطفولة لحظة حاسمة حيث يبدأ الأطفال في تطوير الأسس العقلية التي ستدعم تعلمهم وتفاعلهم مع العالم من حولهم بطرق أكثر تعقيدًا وفعالية.
مظاهر النمو في مرحلة الطفولة المتأخرة
1- في هذه المرحلة من عمر الطفل، نلاحظ أن جسده ينمو بوتيرة أبطأ مقارنة بتطوره في مجالات أخرى. تجدر الإشارة إلى أن الفتيات قد يتفوقن في الطول على الفتيان عند بلوغ الثانية عشرة من العمر، ولكن في الغالب يكون هناك تقارب في الطول بين الجنسين.
2- خلال هذه المرحلة، يشهد الطفل تنمية ملحوظة في حاسة اللمس والسمع، حيث يصل السمع إلى أقصى درجات الحدة، وتصبح العين أكثر قدرة على الرؤية والإدراك. كما يتطور البناء العضلي بشكل ملحوظ بين سن 7 و11 سنة.
3- من الناحية العقلية، يبرز عند الطفل القدرات الذهنية العليا مثل القدرة على الانتباه والتذكر والخيال. يتميز الأطفال في هذه المرحلة بذكائهم وقدرتهم على التفكير، وعادة ما تُجرى لهم اختبارات الذكاء، حيث يمكن أن يصل معدل الذكاء إلى ذروته في سنوات محددة مثل التاسعة والعاشرة.
4- فيما يتعلق بالنمو اللغوي، يتسارع تطور اللغة لدى الأطفال، مع ملاحظة تفوق الفتيات أحيانًا على الفتيان في هذا المجال. يمكن للأطفال اكتساب مفردات جديدة بسرعة وفهم معانيها بشكل أكثر عمقًا، كما يتعلمون التفريق بين الكلمات المختلفة في اللغة.
5- النمو العاطفي للطفل يتأثر بشكل كبير بالضغوط الاجتماعية، مما قد يؤدي إلى شعوره بالخوف والقلق. من المهم أن يلبي الوالدان احتياجات الطفل العاطفية، مثل الحب والشعور بالأمان والنجاح، لتعزيز نموه النفسي والاجتماعي.
6- اجتماعيًا، يبدأ الطفل بتقدير قيم المجتمع أكثر ويميل إلى تكوين صداقات مع أقرانه من نفس الجنس. الفتيان يتمتعون بحرية أكبر في الانضمام للمجموعات، بينما قد تكون الفتيات أقل في هذا الجانب، مع ميول الفتيان نحو المشاركة في الأنشطة الرياضية والألعاب.
7- يشار إلى هذه المرحلة من عمر الطفل بأنها مرحلة ما قبل البلوغ والمراهقة، حيث يُنصح بتثقيف الطفل حول القضايا الجنسية والفروق بين الجنسين لتوجيههم بشكل صحيح.
متطلبات الطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة
1- يجب الحرص الدائم على صحة الأطفال وحمايتهم، إذ أنهم يحتاجون إلى جسم قوي ليكون عقلهم قوياً أيضاً.
2- من الضروري تشجيع الأطفال على تعلم النطق الصحيح وأسس اللغة منذ صغرهم، وذلك بإرشادهم لفهم معاني الكلمات واستخدامها بشكل صحيح.
3- من المهم أن نبدأ بتعليم الأطفال الكتابة في سن مبكرة، فهي طريقة ممتازة لتعبيرهم عن أنفسهم وكشف مواهبهم.
4- يجب أن نتحلى بالصبر ونكون مخلصين في جهودنا تجاه الأطفال، خصوصاً في تعليمهم المواد العلمية لجعلها محببة إليهم.
5- يُعد تشجيع الأطفال على العمل الجماعي والمشاركة في الأنشطة ذات طابع الفريق أمراً هاماً، كما يجب تحفيزهم على اختيار أصدقاء صالحين.
6- لا ينبغي حرمان الأطفال من التجارب البيئية واكتشاف العالم من حولهم من خلال الرحلات التي تنظمها المدارس، الكشافة، أو حتى العائلة.
7- اللعب لفترات طويلة ضروري للأطفال لأنه يساهم في تنمية الجسم وليس مجرد وسيلة للمتعة.
8- يجب تعويد الطفل تدريجياً على الآداب الإسلامية والالتزامات الشريعة بطريقة سهلة وميسرة، حتى يصبح تحمل هذه المسؤوليات أمراً طبيعياً بالنسبة لهم عند البلوغ.